مسدس

دمّرت الحرب كل شيء ، أنا الآن حرٌ أكثر من أي وقتٍ مضى ، في النهار لا أراهن إلا على اليأس و ثم أنام لأحلم الحلم نفسه ، أؤرجح سناً لبنياً في فمي و أنظرُ إلى الحدود ، أنظّفُ لساني بسكينٍ و أصعدُ شجرةَ سرو لأرى إستانبول بكذبةٍ مني : هنالك نهرٌ و منارةٌ طويلةٌ ، هناك دجاجاتٌ تلتقطُ الحَبَّ من باحة الجامع ، أظنني رأيتُ ما رأيت لأن بطني كانت توجعني حين كنتُ أمارسُ الجنس آخر مرة ، حسناً ، سأكتئبُ ليومين مقبلين ، ربما تُشْفى يدي حين لن أؤذي أحداً سواي ، سأحقد و أتركُ الندمَ للنساء ، سأعترف : فعلت الحرب ما لم أجرؤ عليه ، و خطأي أنني لم أقتنِ مسدساً حتى الآن .

حركة غير محسوبة

تعلمت أن أية حركة غير محسوبة يمكن أن تجلب نهايتي ، أن أسمع صوت الرصاصة الغريبة المنفردة التي يطلقها القناص دون أن أرمش بعيني كأن شخصاً آخر لم يسقط أمامي أو خلفي و هو الأسوأ ، في ساحة سعد الله الجابري كنت أقطع المسافة دون أن أرفع رأسي لأرى الفراغ الذي كان يشغله مقهى جحا قبل أن ينهار و لأرى إن كان برج البريد ما زال في مكانه ، و في تلك الليلة التي كنا مرغمين على الذهاب إلى البلدة ، بقينا طوال خمسين كيلومتراً لا نصدر أية ضجة ، دون مصابيح ، و بسرعة لا تتجاوز 20 .
بعد بلدة حريتان كانت ثمة سيارتا نظافة تنقلان الجثث و كانت ثمة مجموعة كلاب تركض خلفها ، و على مقربة 100 متر من الطريق العام كانت نار كبيرة و رائحة شواء فظيعة ، كان يقود و ينظر إلى لاشيء ، أشعل سيجارة و أخذ يرفع بلور السيارة ببطء قبل أن يتكلم بصوت بدا كأنه يخرج من بطن شخص ميت :
أنظر ، لقد أصبحت تعتاد لحم البشر ، يبدو أننا لن نصل .