كرابيت خاجو

– أأنت من الطاشناق أم الهاشتاق؟
– …….!
ثم هزةٌ من الرأس ورفع الأكتاف من مكانهما أي
لا أعرف ولا يهمني أحدهما أو كلاهما.

في 1946 كان كرابيت خاجو في الرابعة والأربعين وقد خبِر حيوات كثيرة حين سلّم بندقيته ووقف أمام الجنرال الفرنسي في مرفأ بيروت،
سأله الجنرال مداعباً ربما ثم فتح أمامه أبواب حيوات محتملة أخرى وخيّره بين أن يقضي بقية أيامه في فرنسا قابضاً راتبه التقاعدي بعد خدمة خمسة عشر سنة وأربعة شهور جندياً متطوعاً في الجيش بقامشلي أو أن يبقى في سوريا أو أن يعود إلى القفقاس.
لم يرد بأي شيء بل اكتفى بأن دفع 300 ليرة عنه وعن زوجته وصعدا الباخرة مع من صعد نحو الجذور، نحو أرمينيا.
كانت أيامه التي مضت أشبه بمتوالية عددية إذا أهملنا حساب الأشهر،
ثلاثة عشر عاماً قضاها طفلاً مع عائلته التي ستُباد كاملة  في مذبحة من مذابح تركيا بحق الأرمن،
أربعة عشر عاماً في قرية حَتحَتِه عاملاً في أراضي الآغا الكردي رسوله محيه، ثم خمسة عشر عاماً جندياً متطوعاً في الجيش الفرنسي بقامشلي التي وصلها في 1929 هرباً بعد ذبح كثير من الأكراد هذه المرة إثر ثورة الشيخ سعيد.
سيمكث في قرية نائية لأشهر ثم يستقر في يريڤان، سيتزوج وينجب ستة أبناء وبنات ويربي دجاجات وغنماً ويقتني كلباً ويعاشر المسلمين والإيزيديين والأكراد والأرمن ويظلّ يغني ويحتال على الرقابة التي بدأت بأن نصحته ألا يذكر الآغا أو الله في أغانيه،
ظلّ كرابيت خاجو يغني حتى يضلل العدم قبل الألم، حتى يضلل نفسه ربما كي يحتمل جحيم الحياة في لا أرضنا في أرض الخطيئة.